إعادة صياغة المضاربة بالأسهم
راشد محمد الفوزان
من خلال متابعة الأسواق المالية لسنوات طويلة لم أجد من يتعامل بالسوق كما هي لدينا , فلدينا القروبات , والإشاعات , ومن يأخذ المعلومة قبل الآخر بصورة أو بأخرى , من يمرر المعلومات قبل الآخرين , ومن يدير عدة محافظ من خلال " يوزر ورقم سري ", ومجموعات تشكل اجتماعات لا نهاية لها يوميا , وتجد من يدير محافظ من يحمل شهادة الابتدائية أو موظف حكومي بوزارة بمنطقة نائية , ومن استقال من عمله لكي يدير محافظ , أما عن الأشاعات وقال فلان وكتب فلان بمنتدى وأوصى على سهم كذا فلا نهاية لهذه القصص , وأصبحت المنتديات مستنقعاً كبيراً لمن يبحث عن معلومة طائشة أو توصية تحقق له ربحا , ويكفي هذه المنتديات أن لا أحد يضع اسمه المجرد وهم الأكثر اصطياداً لفاقدي المعلومة والغافلين عن الأسواق , ولأن عدو الجهل هو العلم والمعرفة فتجد هذه المنتديات ومديري المحافظ والمجموعات يمارسون كل أنواع الحرب الكلامية لمن يقف بوجوههم , فهم رابحون في كل الحالات فهم يأخذون العمولة من عميلهم أو الخصم الذي يحصل عليهم من شركة الوساطة وغيره , وكثير تأتي رسائل تريد أن أقدم توصية لها سواء بإيميل الجريدة أو جوال الجريدة أو اتصال مباشر , وطبعاً هو لا يريد شيئاً يتجاوز توصيته يوماً أو يومين , فهو يريد أن تحدد له السهم المستهدف لكي يحقق الربح ظهر اليوم نفسه أو غدا وقد تكون مظللاً في حال تأخرها أيام , ورغم رفضي التام والحاسم لأي أسلوب توصيات من أي نوع لسبب بسيط أني لا أجيد التوصية بسهم بذاته , ولا أملك ما يملك الآخرون , فحتى أحسم ذلك لكل القراء من يرسل لي أوضح لهم لا يوجد لدي توصيات , فنحن نقدم بالصحيفة تحليلاً أسبوعياً ونقدم رأياً شمولياً عن السوق , أما التوصيات وغيرها فلها أدوات فنية ومالية يطول شرحها , ناهيك عن ما يمارس من مخالفات كبيرة للأطراف التي ذكرنا .
من هذه الرؤية التي تركز عليها شريحة كبيرة من المتداولين والتي تبحث عن " المضاربة " اليومية أو خلال اليوم نفسه , أو غيره , فهم مضاربون وهذا حقهم بالربح فالسوق مفتوحة وحرة , ولكن ما الجدوى أن يتحول كل المتداولين إلى مضاربين وإحصاء تداول الشهري الذي يوضح أن الأفراد هم من يقود السوق وبنسب كبيرة , وأن حجم التداول وبهذه القيم هي تؤكد أنها مضاربة , وأن السلوك الجمعي " القطيع " هو المسيطر على السوق ,وأن الفكر الاستثماري هو لشريحة محددة وتدرك معنى الاستثمار بالأسواق , وهي التي تحقق دائما أفضل النتائج , والدلائل كثيرة وآخرها ما حدث خلال مارس الماضي والوصول لقاع جديد والآن المؤشر يتجاوز ما يقارب ارتفاعة 40% , فحين تسيطر المضاربة على الأسواق وباضطراب عال فهذا لا يدعم السوق ولا يكون جاذبا , فلا يعتبر سوقا مؤسسيا حين يسيطر عليه المضاربون وأصحاب الشركات الصغيرة والمضاربين , وأكرر أنني لست ضد المضاربة التي هي وسيلة جذب للأموال والسيولة والتمويل , ولكن لا يجب أن تتم بهذه الطريقة التي تثري وتغني قلة على حساب أكثرية , وفي النهاية هي لا تقدم وظيفة واحدة لمواطن أو تضيف شيئاً للاقتصاد الوطني أو الناتج القومي , فأدعوا هنا هيئة سوق المال لإعادة صيغة المضاربة بسوقنا السعودي بعدة خطوات تحد من الأضرار المستقبلية القادمة بدلا أن نكون متفرجين على الوضع وضيحته الاقتصاد الوطني والمواطن .
__________________