أمهات آخر زمن
طردت زوجها وبناتها.. من أجل الصديق
فتاة متواضعة الجمال والمظهر.. من أسرة فقيرة.. ولكنها لم تكن مثل بقية الفتيات.. لم تندب حظها ولا قلة بختها التي حرمتها من أن تكون علي قدر من الجمال أو الغني يؤهلها "لبيت العدل" الذي تريده أو يجعلها مثار إعجاب شاب يخطفها علي جواده الأبيض ويطير بها إلي جنة الزوجية التي تتمناها كل البنات منذ نعومة أظفارهن..
لم تتوقف الفتاة طويلاً أمام سوء حظها فقررت أن تصنع لنفسها وبنفسها مستقبلها الذي تتمناه بعيداً عن منح الطبيعة.
اجتهدت في دراستها رغم قلة إمكاناتها وتحدت جميع ظروفها حتي تمكنت من الالتحاق بإحدي كليات القمة وقتها فقط شعرت أنها قد وضعت قدميها علي أول السلم وأثناء دراستها كانت الفتاة مثار إعجاب الجميع بتفوقها ونبوغها والتزامها.. وأثناء انشغال الفتاة بدراستها وانهماكها في دروسها لفت انتباهها زميل لها.. وأخذت نظراته الجريئة بقلبها فصرفتها عن عالمها الصغير الذي لا يتجاوز بعض الكتب وحجرات الدراسة وأصدقاء لا يتعدون أصابع اليد الواحدة.
زواج
لم تدع الفتاة الفرصة. فجمحت بكل عواطفها تجاه زميلها الذي كانت عيونه تنهمر بالعواطف كلما وقعت عليها. وخلال أيام وجدت ضالتها عندما تجرأ زميلها وأباح لها عن مكنون قلبه. وشعرت بأنوثتها لأول مرة بعدما كادت أن تفقد ثقتها بنفسها وأحست الفتاة بأنها أصبحت مثل كل أقرانها وسلمت لحبيب القلب عواطفها وتلاعب "كيوبيد" الحب بقلبها "ودغدغ" مشاعرها لأيام طويلة كانت أسعد أيام حياتها.. مرت سنوات الدراسة سريعاً كأنها حلم جميل وتخرج الحبيبان من الجامعة وبدأت حياة العمل من أجل تحقيق الحلم الأبدي لكل الفتيات حلم الزواج. سنوات من الكد والتعب والعمل ليل نهار. فرغم أن الاثنين يعملان في وظائف مرموقة إلا أن دخلهما لم يكن يتناسب مع عملهما فاضطر الاثنان إلي البحث عن عمل إضافي ليلاً من أجل تأثيث منزل الزوجية حتي اكتمل الحلم وتزوجا بعد أن انقطعت أنفاسهما لهثاً وراء الرزق.. وبدأت سنوات الزواج الأولي في سعادة وسكينة ورضا كل منهما يضحي من أجل إسعاد الآخر. كل العقبات تتلاشي أمام سلطان الحب الذي جمع القلبين الشابين.. ولكن كانت السنوات العجاف أكثر صلابة من أن تنهزم أمام ذلك السلطان وخاصة بعد أن أنجب الزوجان وزادت متطلبات الحياة وأصبحت جنيهات الوظيفة المرموقة لا تكاد تكفي ضروريات الحياة وسرعان ما تبددت الفرحة وتلاشت سعادة الزوجين وتحول عش الزوجية إلي جحيم وأصبح لزاماً علي الزوجين أن يبحثا سوياً عن بديل قبل أن تضيع حياتهما بلا ثمن.
السفر
وجاءت الفرصة الذهبية التي طالما حلم الزوجان بها.. عقد عمل بإحدي دول الخليج كان بمثابة طوق النجاة للأسرة.. لم يكن هناك فرصة للتفكير فقد كان القرار جاهزاً. وافق الزوجان علي السفر وبأقصي سرعة حتي يغيرا من حياتهما الكئيبة ويقتنصان مستقبلاً طالما حلما به سوياً بعد أن ضاقا بفقرهما وحاجتهما للمال.
وبدأت أيام الغربة بمرارتها وقسوتها وظل كل منهما يشد من أزر رفيقه ويقوي من عزيمته ويذكر كلاً منهما الآخر بالحلم الذي طالما كان يراودهما وبالمستقبل الذي ينتظرهما. وسرعان ما مرت الأيام الصعبة ونسي الزوجان متاعبهما أمام أوراق "البنكنوت" وألوانها التي تبعث في النفس السعادة والاطمئنان.. وتجلب الثقة والشجاعة.. قضي الزوجان سنوات طويلة مرت كأنها أيام لا هم لهما سوي حصد المال حتي تمكنا من جمع ثروة هائلة ما كانا يحلمان بها وشعر الاثنان فجأة بأنهما قد تعبا من السفر والغربة فحملا أموالهما وحقائبهما وعادا إلي الوطن من أجل تحقيق الآمال وتحويل الأحلام إلي حقائق.. فقاما بشراء شقة فخمة في أرقي مناطق القاهرة وجلب إليها أفخم الأثاث والمفروشات حتي تحولت إلي قصر واشتريا سيارة فارهة ومكتب من أجل البدء بمشروع تجاري.. وحباً من الزوج وتقديراً لزوجته جعل كل شيء باسمها.. وهو علي يقين أن زوجته تستحق أن يجلب لها نجمة من السماء جزاء صبرها معه وكفاحها من أجل الأسرة.
علاقة آثمة
عاد الزوجان إلي عملهما الأول إضافة إلي مشروعهما ليلاً.. ومثل جميع السيدات اهتمت الزوجة بأن تعود إلي زملائها بشكل جديد يظهر مدي الرفاهية والعز الذي تعيش فيه فبالغت بشكل كبير في حليها وملابسها إضافة إلي السيارة الفارهة.. والتف حولها زملاؤها وأصبحت مثار إعجاب الجميع وبدأت تشعر بقيمتها وجمالها مع ثناء الزملاء عليها.. ومع إحساسها بالحرمان وأن سنوات عمرها الجميل تسربت من بين أصابعها دون أن تدري قررت أن تركب قطار الحياة الأخير قبل فوات الأوان وزين لها الشيطان سوء عملها فانساقت في دربه بكل طاقتها وجمحت بعيداً.. ونسيت أسرتها التي ضحت بحياتها من أجلها..
علاقة غرامية
وقعت الزوجة في علاقة غرامية آثمة مع زميل شاب لها احترف الإيقاع بالسيدات اللاتي فاتهن قطار الشباب فطار بها في سماء العشق والهوي حتي فقدت السيطرة علي نفسها وضحت بكل شيء من أجل عيون ذلك الشاب.
بدأ الزوج يشعر بأن زوجته قد تغيرت وأن شيئاً ما يحدث في الخفاء وحاول أن يعرف السبب ولكن دون جدوي وحاول أن يلتمس لها الأعذار حتي فقد السيطرة علي نفسه أمام أفعال الزوجة التي تدخل حجرتها وتغلق عليها الباب وتقضي الساعات في مكالمات تليفونية مجهولة مما آثار الشك والريبة في قلب الزوج.. فبدأ يراقب تحركات زوجته ويتجسس خطواتها حتي عرف سر تغير الزوجة وجنوحها وعرف أنها علي علاقة بزميلها في العمل وحينما واجهها أنكرت وادعت أنها أشرف امرأة وهاجت. وراجع الزوج نفسه وأعاد حساباته واستعاذ بالله من الشيطان ومن سوء الظن.
واستراح من التفكير والغيرة لفترة.. إلا أن الحقيقة لابد يوماً أن تتجلي وتنكشف الأمور مهما كانت درجة الحذر والحيطة.. عاد الزوج يوماً من عمله مبكراً قبل موعده بعد أن شعر ببعض الإجهاد وأراد أن يستريح وعندما فتح باب شقته سمع أصواتاً غريبة جعلته يتحرك بحرص حتي وصل إلي غرفة النوم ليجد زوجته في أحضان عشيقها.. وعندما هاله المنظر فر العشيق هارباً حاول الفتك بالزوجة الخائنة لكنه لم يستطع فقامت بطرده من منزل الزوجية الذي اشتراه باسمها وأخبرته بكل بجاحة بأنها لم تعد تطيقه وأنها سوف تتزوج بعشيقها وعندما هددها بابنائها أكدت له أنها لا يهمها وحاول الزوج الذي فقد كل شيء أن يثني زوجته عن قرارها ويعيد الحياة إلي مجاريها فلم يفلح وحاولت ابنتها الطالبة المتفوقة بإحدي كليات القمة أن تعيد الحياة إلي مجاريها فرفضت الأم توسلات ابنتها فاحتدت عليها الفتاة وأخبرتها بأنها وضعت سمعة الأسرة في الوحل وأنها كانت تتمني لو ماتت أمها قبل أن تلوك سمعتها الألسن وما كان من الأم إلا قامت بطرد الفتاة إلي الشارع وقامت بتحرير محضر ضدها تتهمها فيه بسرقة مصاغها حتي كادت الفتاة أن تسجن بتهمة كاذبة..وذهبت الفتاة وشقيقتها ليقيمان وأبوهما في المكتب الخاص بالأب في انتظار ما تأتي به الأيام.